هستی أميري.. طالبة إيرانية تتحدى حبال المشانق وتدفع ثمن الكلمة

هستی أميري.. طالبة إيرانية تتحدى حبال المشانق وتدفع ثمن الكلمة
الطالبة الإيرانية هستی أميري

في صباح عادي بطهران، وبين جدران قاعة محكمة الثورة، وُلد حكم جديد يعكس واقعًا قديمًا.. الطالبة الإيرانية هستی أميري، ابنة جامعة "علامة"، وجدت نفسها أمام عقوبة قاسية.. ثلاث سنوات سجن، وغرامة مالية، وحظر سفر، والسبب هو رفضها عقوبة الإعدام وظهورها في الأماكن العامة دون الحجاب الإجباري.

لكن أميري ليست مجرد طالبة جامعية، بل هي رمز لجيل شاب يسعى إلى فضح ما يراه ظلمًا وتسلطًا.. حكمها الأخير لم يكن البداية، بل حلقة جديدة في سلسلة من الاعتقالات والاستدعاءات التي رافقت مسيرتها المدنية، بحسب ما ذكرت "شبكة إيران إنترناشيونال"، الثلاثاء.

الحكم الغيابي الصادر بحقها لم يكن خاليًا من العبارات الثقيلة، مثل، “نشر الأكاذيب بقصد تضليل الرأي العام”– سنتان سجن وغرامة مالية، و"الدعاية ضد النظام"– سنة أخرى خلف القضبان، و"الظهور بلا حجاب شرعي"– غرامة إضافية.

إلى جانب عقوبات تكميلية مثل حظر السفر لعامين ومنعها من الانضمام إلى أي تجمع سياسي أو اجتماعي.

سجل طويل من المواجهة

اسم هستی أميري لم يظهر فجأة. فمنذ سنوات ارتبط حضورها بالاحتجاجات ضد الهجمات الكيميائية وحوادث تسميم الطالبات في المدارس، وكذلك مشاركتها في فعاليات يوم المرأة العالمي. 

في كل مرة، كانت تعود لتجد نفسها في مواجهة قضائية أو أمنية جديدة.

وفي تعليقها على الحكم الأخير كتبت على "إنستغرام": "كل إعدام سياسي هو أداة بيد السلطة الاستبدادية لفرض هيبتها، مجرد رفض الإعدام بات دعاية ضد النظام، وهذا اعتراف صريح بأن هذه العقوبة ليست سوى سلاح سياسي للترهيب".

ما وراء القضبان

أميري لم تكتفِ بالحديث عن الإعدام، بل تطرقت أيضًا إلى ظروف السجون الإيرانية، بدءًا من سجن إيفين الشهير وصولًا إلى معاناة السجناء المرضى، والطعام الرديء، ونقص الرعاية الطبية. هذه الشهادات –التي رأت فيها المحكمة “نشر أكاذيب”– تحولت إلى مرآة تكشف ما يحدث خلف الأسوار العالية.

أميري تؤكد أنها لا تتحرك بدافع شخصي، بل من أجل قضية إنسانية أوسع: "كل إنسان يجب أن يسأل نفسه يوميًا: إلى أي مدى تقدّم في النضال من أجل مبادئه، ومن أجل رفاقه السجناء، ومن أجل الأرواح المهددة بالإعدام؟".

خلال السنوات الماضية، كانت من أبرز الوجوه المشاركة في حملة "ثلاثاء لا للإعدام"، وهي مبادرة شبابية تهدف إلى لفت الأنظار لمعاناة المحكومين بالإعدام، وخلق وعي مجتمعي ضد هذه العقوبة.

القضية أبعد من فرد

قضية أميري ليست استثناءً، بل جزءا من مشهد أوسع لقمع الحريات الطلابية والنقابية في إيران. قبل عام فقط، حُكم على الناشط الطلابي خشايار سفيدي بالسجن بسبب احتجاجه على إعدام مغني الراب المعارض توماج صالحي. الرسالة واحدة.. الكلمة ثمنها باهظ.

ورغم الأحكام، والاعتقالات، وحظر السفر، لا تزال هستی أميري تكتب وتتكلم وتؤمن أن المستقبل يحمل وعدًا آخر.

"يومًا ما سنحرق جميع حبال المشانق وأعواد الإعدام".. بهذه العبارة، تختصر الطالبة الإيرانية رحلتها.. صراع طويل بين سلطة تمتلك السجن والمشانق، وجيل جديد لا يملك سوى الكلمة والإيمان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية